مقالة فلسفية هل الابداع ظاهرة فردية ؟


هل الابداع ظاهرة فردية ؟

مقالة فلسفية هل الابداع ظاهرة فردية ؟



طرح المشكلة :

ان الابداع في اصطلاح الفلاسفة له عدة معاني اهمها تاسيس الشيء عن الشيء اي تاليف شيء جديد من عناصر موجودة سابقا مما هو الحال و مما لا شك فيه ان ظاهرة الابداع ترتبط بدور الفرد من خلال فعالية تصوره في تخيل النقائص التي بادراكها تحصل فكرة الابداع القوى و العلوم و من ثمة فان الابداع ينشا في ذهن انسان له فرديته الخاصة و شخصيته المميزة باستعداداته و قدراته الفطرية المكتسبة فاذا كان الابداع اجراء يرتبط بشخصية الفرد فهل الشروط الذاتية وحدها كافية لحصول عملية الابداع ؟و بمعنى اخر هل يمكن رد عملية الابداع الى الشروط النفسية فقط؟

محاولة حل المشكل:

عرض منطق الاطروحة:

يرى انصار هذا الاتجاه ان الابداع ظاهرة نفسية توجد لدى بعض الافراد دون غيرهم لان الاحوال العقلية و النفسية و ميولات و رغبات و مواهب هي التي تدفع بالفرد الى الابداع بدليل ان العباقرة يمتازون بخصائص نفسية و عقلية تمكنهم من تجاوز ما يعجز عنه الاخرون فقد حلل فرويد ظاهرة الابداع بردها الى الاعمال اللشعورية فالعمل المبدع في نظره تعبير عن الرغبات المكبوتة التي تتحقق عن طريق الخيال بمعنى ان معظم عناصر تخيلاتنا تتجمع في اللاشعور و تخزن صور المبدع في الذهن ثم تنبثق دفعة واحدة في شكل الهام حيث يقول نيوتن"و اني لاضع بحثي نصب عيني و انظر حتى يلمع الاشراق الاول عليا شيئا فشيئا لينقلب الي نور جلي ، كما نجد من انصار هذا الاتجاه الفيلسوف بوانكاري يقول "ان الحظ يحالف النفس المهياة "و يقول ايضا "ان الذين يبدعون المفاهيم الاخلاقية لا يبدعونها في حالة جمود الدم و انما يبدعون في جو حماسي و تيار ديناميكي تتلاحم فيه الافكار و منه فالابداع ظاهرة ذاتية متعلقة بالانسان

المناقشة:

صحيح ان حقيقة الابداع تجسيد لما يختلج في النفس من معاني و ميولات اذ انه لا يمكن انكار دور الذات في عملية الابداع و لكن الذات تتاثر بالمحيط الاجتماعي فلا ابداع من العدم مما يعني ان حاجة الذات تتاثر المحيط الاجتماعي فهذا ما يعني ان عملية الابداع لا يمكن ان تكون ذاتية فقط مما يعني ان عملية الابداع في كثير من الاحيان تتاثر بالشروط الاجتماعية و مدى حاجة الانسان .

عرض نقيض الاطروحة :

يرى انصار هذا الاتجاه ان الابداع ظاهرة اجتماعية كون المبدع يستمد مادة ابداعه من المجتمع مما يجعل عملية الابداع لها ارتباط وثيق بالحياة الاجتماعية ، فالحاجة التي يعاني منها الانسان في مجتمعه و متطلباته هي التي تدفع به الى الابداع و لذا يقال "الحاجة ام الاختراع "بمعنى ان الحاجة تعتبر مشكلة اجتماعية تتطلب حلا و هو ما يدفع بالمبدع الى التفكير و هكذا يكون نشاط المبدع

المناقشة :

حقيقة ان ظاهرة الابداع تعود الى العوامل الاجتماعية و طبيعة الواقع الاجتماعي الذي يعيش فيه الانسان و الحاجة و لكن لا يمكن رد عملية الابداع الى الشروط الاجتماعية فقط و الدليل على ذالك على الرغم من توفر الشروك الاجتماعية الملائمة ووجود الحاجة الدافعة للابداع الا انه لا يمكن لكل الافراد ان يبدعو و هذا يدل على تدخل عوامل و شروط اخرى مرتبطة بالذات المبدعة .

التركيب :
لا يسعنا الا القول ان عملية الابداع تقود الى التكامل بين شروط النفسية و الاجتماعية معا فالابداع يعود بالدرجة الاولى الى حيوية المبدع و ما يتمتع به من خصائص نفسية و عقلية كتضافر الوضائف النفسية من ذكاء تخيل و ذاكرة و توفر الرغبات و الميولات و الامال بالاضافة الى تمتع المبع بنوع من الحس المبدع الخاص كما انه لا يمكننا انكار العوامل الاجتماعية التي يستمد منها المبدع عناصر ابداعه فالوسط الاجتماعي الملائم من حاجات و ظروف تعتبر حافز على الابداع فكل طاقة نفسية تحتاج بالضرورة الى ظروف اجتماعية تدفعها الى عالم التحقق.
حل المشكلة :
ان الابداع ليس مجرد الهام مفاجئ يحضى به بعض الافراد في المجتمع بل هو ظاهرة فردية تضرب باعماق جذورها في الحياة الاجتماعية و عليه فالابداع يكون بالتكامل بين الشروط الاجتماعية و الشروط النفسية فالابداع يستمد حيويته من ميول الفرد و يستمد مادته من حالة المجتمع.

تعليقات