مقالة جدلية هل يحقق الشغل المطالب البيولوجية فقط / مقالة جدلية حول الشغل
هل يحقق الشغل المطالب البيويولوجية فقط؟
طرح المشكلة
ان الانسان كائن
اجتماعي بطبعه لا يمكن ان يحافظ على وجوده خارج اطر المجتمع الذي يعيش فيه و لا
يستطيع ان يحقق التلائم معه الا باستخدام طرق مختلفة فالغربة في الحياة تعتبر المحرك
الاساسي عند الانسان فهي تدفعه الى الحركة داخل الوسط الطبيعي بجثا عن عناصر
البقاء ومن اجل تحقيق ذلك فهو يعتمد اساسا على الشغل الذي يعرف على انه كل جهد
عضلي و فكري يقوم به الانسان كما ان فاعلية الانسان تلبى من خلالها الفرد مطامحه و ماهو ملاحظ ان الانسان قديما
وحديثا مضطر الى العمل و تحمل شقائه و تعبه في سبيل تلبية رغباته و اشباع حاجاته
البيولوجية الضرورية التي تحفظ له البقاء فاذا علمنا ان البعض يربط الشغل بالمطالب
المادية و البيولوجية فان هناك من يخالف هذا الموقف حيث يرى ان ابعاد الشغل تتعدى
على البعد البيولوجي وهذا ما يدفعنا الى طرح الاشكالية التالية
هل الغاية من
الشغل تلبية الحاجات البيولوجية فقط ؟ ام ان هناك ابعاد اخرى للشغل ؟ هل الغاية من
الشغل حفظ البقاء فحسب؟
محاولة حل المشكل
عرض منطق الاطروحة
ترى هذه الاطروحة
ان المطالب البيولوجية بصورة خاصة و المادية بصورة عامة هي الاهداف الحقيقية للشغل
باعتبار ان البشرية مرت بمرحلتين مرحلة الانسان
جامع الغذاء ،ومرحلة الانسان صانع الغذاء ،حيث كان البشر يقتاتون من ثمار الطبيعة
ولم تكن تلك الثمار كافية لتلبية حاجاتهم من الغذاء ،فتالدافع البيولوجي هو من حرك
الانسان ،هذه النظرة مستوحات من فلسفة ارسطو الذي
حصر الشغل في ثلاث وضائف ،الماكل ،الملبس ،المسكن ،وهذه المطالب البيولوجية هي من
دفعت الانسان للشغل كما يرى فلاسفة اليونان الى الشغل نظرت مادية ،حيث يرى سنيشرون ان التفكير العام يغلب عليه الطابع الحسي لانه
يعيش في دائرة ضيقة (انتاج السلع و بيعها)مما يجعله غير قادر على بناء نظم اخلاقية
و في هذا المعنى قال "من المتعذر استنشاق اي نبالة
من حكات او مشغل" و
من بين الانظمة التي ركزت على البعد المادي الراسمالية و هذا ما يظهر في تعريفها
فهي نظام اقتصادي يهدف الى تحقيق اكبر قدر من الربح المادي ، و الشغل عندهم يحقق
الرفاهية المادية من خلال توفير الضروريات و الكماليات اما حديثا فالفرنسي ميشال فوكو الذي اعتمد على اسلوب الاستقراء التاريخي لتوضيح موقفه فقال "لا تشتغل البشرية الى تحت تهديد فكرة الموت اذ ان كل
مجتمع اذا لم يعثر على ثروات جديدة فهو محكوم عليه بالفناء " فالانسان لم يوجد في عالم منفرد مستقل
مع بقية المخلوقات بل وجد في وسطها ، و لذلك لا يمكنه الحصول عليها بسهولة بل لابد
له من القيام بنشاط حتى يحقق اغراضه البيولوجية فخوف الانسان من تعرضه للفناء و
حاجته الماسة للغذاء هي التي دفعت به للشغل و دليلهم في ذلك ان الانسان منذ العهود
الغابرة يوجد كل شيء جاهز في الطبيعة لما اقدم على العمل و على بذل الجهد لتغيير
الطبيعة او التاثير فيها و الواقع يثبت تاريخيا ان طبقات ترفعت عنه و اكرهت
الاخرين عليه (مجتمع اليونان و نظرة افلاطون) فلولا حاجة الانسان الى ضمان بقائه و
توفير حاجاته الضرورية لما لجا الى الشغل اي ان بقاء اي مجتمع لا يكون الا بتوفير
عناصر هذا البقاء و منها المطالب البيولوجية
المناقشة :
يمكن اعتبار ما جاء به انصار هذا الاتجاه باعتبار ان
الشغا في مراحله الاولى كان يسعى الى تحقيق الحاجات البيولوجية للفرد و لكن مع
مرور الزمن سعى الانسان جاهدا الى تطويرهفباعتبار ان الانسان من ارقى الكائنات فقد
تجاوز الصراع القائم بينه و بين الطبيعة و لم يعد نشاطه موجها الى سد حاجياته
البيولوجية وحسب ،فالنظر الى الشغل من زاوية بيولوجية مادية ينزل الانسان الى
مرتبة الحيوان الذي يبحث عن اشباع غريزته فيتحول الى عبد ومن هنا يكون عنوانا
للعبودية فالواقع يثبت ان الشغل مكن الانسان من انتاج حضارة متقدمة
عرض نقيض الاطروحة
يرى انصار هذا الاتجاه ان للشغل عدة ابعاد باعتباره ضاهرة انسانية ،و الانسان كائن عاقل مما يستلزم النظر الى الشغل نظرة عقلية و ربطه بابعاد نفسية و اخلاقية و اجتماعية و اقتصادية ،و نجد هذا الموقف عند الكثير من الفلاسفة امثال هيجل حيث قال (الذي يشتغل يملك الطبيعة ) فالسيد الذي انتصر على العبد ووضفه لمصلحته يصبح عبدا حينما يعجز عن التاثير في الطبيعة فيعتمد على العبد بينما يصبح العبد مستقلا عندما يطوع الطبيعة و يسيطر عليها و على المستوى النفسي اكدت بحوث علماء النفس ان الشغل وسيلة للقضاء على المشاكل النفسية و البطالة اكثر عرضة لخطر الامراض النفسية و العقلية حيث يقول فولتير في هذلا الصدد التونتر القلق الاشطرابات ،اذا اردت ان لا ترتكب الانتحار فاوجد لنفسك عملا .
و على مستوى
الاخلاقي يعتبر الشغل اساس بناء الشخصية و مقياس الكسب الشريف للحفاض على كلرامةي
الانسان فالناس ينظرون الى البطالة نظرة احتقار قال عمر ابن الخطاب رضي الله عنه(اني ارى الرجل فيعجبني فاذا قيل لي لا يشتغل سقط من عيني )
و على المستوى
الاجتماعي التنقل وسيلة تعارف بناء صداقات جديدة ،التكافل الاجتماعي ،ويخلق روح
المسؤولية اما من الناحية الاقتصادية فيساهم في لرفع الاقتثاد و ذلك من خلال
الانتاج و الاستهلاك حيث لا توزيع و لا استهلاك دون انتاج ولا انتاج دون شغل ، و
هذا ما يجعل من الشغل اساس التحرك الاقتصادي فهو عنوان للتقدم و الرقي .
المناقشة
صحيح ان للشغل عدة ابعاد فهو يساهم في تطور المجتمعات و
التخلص من المشاكل خاصة الاسرية و النفسية و لكن كان في بدايته دافعا بيولوجيا و
هو المحفز الاساسي لدفع الانسان للشغل كما انه لم يكن رمزا للسلام و لا للحرية
فكثيرا ما يكون رمزا للتعايش من اجل حاجات محدودة لازمة للانسان فالدافع البيولوجي
لا يزال فاعلا خاصة في ضل بعض الانظمة التي تشغل حتى الاطفال ، وفي سن البكرة
التركيب
لقد كان الشغل في
البداية كافعا بيولوجيا ، فحاجات الانسان كثيرة و اكاناته الاولية محدودة ،حيث كان
في البداية همه الوحيد في الحياة هو تلبية ضرورياته و المحافظة على وجوده لكنه بعد
التحكم في الطبيعة و ظهور العلوم و الصنائع اصبحت دوافع الشغل متعددة من اقتصادية
و اجتماعية و اخلاقية و نفسية ولم يعد الدافع البيولوجي سوى وسيلة فالانسان كائن
مزدوج ىالتركيبة ينطوي على بعد مادي بيولوجي وبعدي روحي نفسي اجتماعي اخلاقي فالشغل
نشاط انساني مرتبط بكل هذه الابعاد الانسانية
كما
يقول سارتر (الشغل ابقى الانسان و اكسبه السيطرت على الاشياء)
حل المشكلة
انم الشغل للوهلة
الاولى فعل يحصل بين الانسان و الطبيعة و يلعب فيه الانسان ذاته دور قوة طبيعته
،ففي الوقت الذي يؤثر فيه على الطبيعة الخارجية و يغيرها يغير طبيعته الخاصة وينمي
ملكاته الكاملة فيها ،وهذا ما يدفع بالفرد الى الانتقال من المرحلة الابتداشية
التي يسعى فيهل الى توفير حاجاته الضرورية الى مرحلة السعي الى التقدم و التطور في
مختلف المجالات ،فالدور الذي يلعبه الشغل في حياة الانسان قديما و حديثا يكشف
القيمة التي يحتلها اليوم عند الافراد و الشعوب ، فالشغل ليس مجرد انتاج للقيم
البيولوجية (مادية )فقك بل يتعداه الى ابعاد اخرى روحية نفسية اقتصادية اجتماعية و
يبقى الشغل شعار كل انسان في هذه الحيا كما يقول الرسو صلى الله علية و سلم نحن
قوم ناكل لنعيش لا نعيش لناكل ،كما يقول الفيلسوف مونيي يهدف
كل عمل الى ان يصنع في نفس الوقت انيان و شيئا و بالتالي فاشغل يعتبر عنوان لتكامل
الشخصية .
أزال المؤلف هذا التعليق.
ردحذف